اختلف الفقهاء في حكم القنوت في صلاة الصبح على أربعة أقوال :
( الأول ) : للحنفية والحنابلة والثوري
: وهو أن القنوت في الصبح غير مشروع ، وهو مروي عن ابن عباس ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وأبي الدرداء ، رضي الله عنهم ، وقال أبو حنيفة : القنوت في الفجر بدعة ، وقال الحنابلة : يكره . واستدلوا على ذلك : بما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم { قنت في صلاة الفجر شهرا يدعو في قنوته على أحياء من أحياء العرب ، ثم تركه } ، قالوا : فكان منسوخا ، إذ الترك دليل النسخ ، وبما روي عن أبي مالك سعد بن طارق الأشجعي قال : قلت لأبي : يا أبت ، إنك قد صليت خلف رسول الله ، وأبي بكر ، وعثمان ، وعلي هاهنا بالكوفة نحوا من خمس سنين ، أكانوا يقنتون ؟ قال : أي بني ، محدث . وفي لفظ : يا بني إنها بدعة .
قال الترمذي : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم .
( والثاني ) للمالكية على المشهور :
وهو أن القنوت في الصبح مستحب وفضيلة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يقنت في صلاة الصبح } فيما روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء والبراء وأنس بن مالك .
قال أنس : { ما زال رسول الله يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا } ،
وقال علي بن زياد بوجوب القنوت في الصبح ، فمن تركه فسدت صلاته .
ويجوز قبل الركوع وبعده في الركعة الثانية ، غير أن المندوب الأفضل كونه قبل الركوع عقب القراءة بلا تكبيرة قبله ، وذلك لما فيه من الرفق بالمسبوق ، وعدم الفصل بينه وبين ركني الصلاة ولأنه الذي استقر عليه عمل عمر رضي الله عنه بحضور الصحابة ، قال القاضي عبد الوهاب البغدادي " وروي عن أبي رجا العطاردي قال : كان القنوت بعد الركوع ، فصيره عمر قبله ليدرك المدرك وروي أن المهاجرين والأنصار سألوه عثمان ، فجعله قبل الركوع ، لأن في ذلك فائدة لا توجد فيما بعده ، وهي أن القيام يمتد فيلحق المفاوت ، ولأن في القنوت ضربا من تطويل القيام ، وما قبل الركوع أولى بذلك ، لا سيما في الفجر . ويندب كونه بلفظ : اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونؤمن بك ، ونتوكل عليك ، ونخضع لك ، ونخلع ونترك من يكفرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخاف عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق . ومن ترك القنوت عمدا أو سهوا فلا شيء عليه ، فإن سجد لتركه قبل السلام بطلت صلاته . وليس لدعاء القنوت حد محدود . ولا يرفع يديه في دعاء القنوت ، كما لا يرفع في التأمين ، ولا في دعاء التشهد . والإسرار به هو المستحب في حق الإمام والمأموم والمنفرد ، لأنه دعاء ، فينبغي الإسرار به حذرا من الرياء . والمسبوق إذا أدرك الركعة الثانية لا يقنت في القضاء ، لأنه إنما يقضي الركعة الأولى ولم يكن فيها قنوت ، قال ابن رشد : إن أدرك قبل ركوع الثانية لم يقنت في قضائه ، سواء أدرك قنوت الإمام أم لا .
( الثالث ) للشافعية :
وهو أن القنوت في صلاة الصبح سنة ، قال النووي : اعلم أن القنوت مشروع عندنا في الصبح ، وهو سنة متأكدة ، وذلك لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه : { ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا } .
قالوا : ولو تركه لم تبطل صلاته ، لكن يسجد للسهو ، سواء تركه عمدا أو سهوا . أما محله ، فبعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية من الصبح ، فلو قنت قبل الركوع لم يحسب له على الأصح ، وعليه أن يعيده بعد الركوع ثم يسجد للسهو
No comments:
Post a Comment